توفالو تحظى بإشادات دولية بشأن مسارها الحقوقي أمام مجلس حقوق الإنسان
خلال استعراض تقريرها الدوري الشامل في الدورة الـ55 بجنيف
رغم التهديدات المناخية التي تواجهها كونها دولة جزرية بالمحيط الهادئ، فإن دولة توفالو حظيت بإشادات دولية بشأن تحقيق عدة إنجازات على صعيد إنصاف الفئات المستضعفة، وذلك خلال استعراض تقريرها الدوري الشامل أمام الأمم المتحدة.
جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ55 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف، والمنعقدة خلال الفترة من 26 فبراير إلى 5 أبريل 2024، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.
توفالو، المعروفة سابقًا باسم جزر إليس هي دولة بولينيزية جزرية تقع في المحيط الهادئ في منتصف الطريق بين هاواي وأستراليا، وتضم أربعة جزر مرجانية وخمسة جزر حلقية، وتعد ثالث أصغر دولة ذات سيادة من حيث عدد السكان في العالم بعد الفاتيكان وناورو.
واختار المجلس الأممي المجموعة الثلاثية لتيسير الاستعراض المتعلق بدولة توفالو، والتي ضمت الإمارات العربية المتحدة، وليتوانيا، والمغرب.
وأحيلت إلى توفالو قائمة تساؤلات أعدتها سلفاً العديد من الدول، أبرزها إسبانيا وسلوفينيا وليختنشتاين وبريطانيا وأيرلندا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية.
استعراض الإنجازات
واستعرض وفد توفالو التقدم والإنجازات الحقوقية التي شهدتها بلاده، كما رد على معظم التساؤلات والملاحظات والتوصيات الدولية التي وجهت إليها خلال الاستعراض الدوري الشامل.
وأكد الوفد التزام توفالو الثابت بالقيم والمبادئ النبيلة للأمم المتحدة على النحو الوارد في ميثاقها، وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تلا ذلك، إذ لا تزال البلاد ملتزمة بعملية الاستعراض الدوري الشامل وتشارك فيها بصورة تضامنية مع الدول الأخرى الأعضاء في الأمم المتحدة.
وأوضح أن بلاده واجهت تحديات عديدة أبرزها آثار التدهور البيئي وتغير المناخ، والتي استمرت في التفاقم تدريجياً خلال السنوات الماضية، كما لا يمكن للحكومة أن تتجاهل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا، والتي شكلت تحدياً غير مسبوق للعالم.
وقال الوفد: "تعتقد توفالو أن حقوق الإنسان ضرورية لحماية إنسانية كل فرد والحفاظ عليها، وضمان أن يعيش كل فرد حياة كريمة ولائقة بالبشر، ولتحقيق هذه النتائج المرجوة تواصل البلاد الدعوة إلى الحوار المستمر والمشاركة والتنسيق بين مختلف أصحاب المصلحة، بما في ذلك المجتمع الدولي".
وأشار الوفد إلى اتخاذ إجراءات ملموسة عاجلة للتصدي لتغير المناخ وغيره من أحداث مدمرة مثل الجائحة والجفاف، بما في ذلك الخطة الاستراتيجية الوطنية للفترة 2020-2030 التي تركز على التنمية المستدامة، والحد من الفقر، وتحسين نوعية حياة السكان.
ورغم اعتراف الوفد بأن بلاده لم تؤسس آلية وطنية رسمية للرصد والإبلاغ والمتابعة منذ جولة تقديم التقارير الأخيرة، فإن هذا عمل لا يزال قيد الإنجاز حالياً من الحكومة والفريق العامل المخصص للاستعراض الدوري الشامل.
وعلى الصعيد الدولي، ذكر الوفد أن النظر في الانضمام إلى أي اتفاقية دولية لحقوق الإنسان يتطلب تعزيز الوعي على نطاق واسع وعملية تشاورية لجمع آراء عامة الجمهور، وكان هذا جانباً مهماً قبل أن تقرر الحكومة تأييد التصديق على هذه الاتفاقيات.
وفي موضوع القضايا البيئية، تواجه توفالو تحديات تهدد بيئتها الطبيعية يزيد من خطورتها تغير المناخ، منها تآكل السواحل، وتسرب المياه المالحة، وتزايد انتشار الأمراض التي تنقلها الحشرات والمياه بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، والتي تعتبرها تهديدات كبرى.
واستعرض الوفد الجهود التي تبذلها توفالو للتكيف وبناء قدرتها على الصمود، يجري تنفيذ الكثير من الأنشطة وطنياً وإقليمياً ودولياً على المستويين السياسي والفني، لمناصرة موقف توفالو الثابت المساند للتخفيف من آثار تغير المناخ المدمرة.
وأعلن الوفد أن بلاده تواصـل الكفاح من أجل ضمان الاعتراف الكامل بتغير المناخ وآثاره على حياة المجتمع الدولي والتصدي لهما، كما تسعى جاهدة من أجل بقائها وضمان بقاء مواطنيها.
وفي ما يتعلق بحقوق فئات محددة، أوضح الوفد أن بلاده تحاول على مر السنين الوفاء تدريجياً بالتزاماتها المتصلة باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل، إذ تعد المعاهدتان بمثابة أداتين لمساعدة النسـاء والأطفال على إحداث تغيير في حياتهم ومواجهة آثار التمييز والعنف والفقر ونقص الحماية القانونية والحرمان من الميراث والملكية.
وذكر الوفد تحقيق تطورات كبيرة وتدريجية في اتجاه المواقف والتصورات المتأصلة ضد النساء والأطفال نحو التغير ببطء في اتجاه إيجابي، ما يعطي للمرأة قدراً أكبر من المساواة والأمان.
وشدد الوفد على أنه لا يمكن تجاهل حقيقة التحديات ذات الصلة في إطار الجهود التي تبذلها بلاده لتنفيذ التزاماتها في مجال حقوق الإنسان، ومن بين هذه التحديات آثار تغير المناخ، وجائحة كورونا، والافتقار إلى الخبرة التقنية والمتخصـصـة، ونقص الفرص والموارد، وتأمين شركات دائمة وحقيقية وغيرها.
ولذلك أهاب وفد توفالو بالمجتمع الدولي أن ينضم إلى التضامن مع بلاده من أجل التكيف والتخفيف وبناء القدرة على الصمود، سعيا إلى تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها واحترامها وسط التحديات العديدة التي تفاقمت بسبب تغير المناخ، إلى جانب تقديم المساعدة التقنية والمالية من أجل تنفيذ التزاماتها في مجال حقوق الإنسان.
ملاحظات وإشادات
وأدلى 56 وفداً ممثلا لبلاده بملاحظات وبيانات خلال جلسة التحاور، إذ رحبت هندوراس باتخاذ التدابير التشريعية المعتمدة لحماية الأطفال وحظر العقوبة البدنية للأحداث الجانحين، وأقرت بالجهود المبذولة للتصدي للتحديات التي تفاقمت بسبب تغير المناخ، بما في ذلك تآكل السواحل، وتسرب المياه المالحة، وزيادة الأمراض المنقولة بالنواقل والمياه بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر.
بدورها، أشارت الهند إلى أن دستور توفالو الجديد قد دخل حيز النفاذ في 1 أكتوبر 2023، وأن منهجية مراجعة الدستور كانت شاملة لجميع المجتمعات المحلية ومجموعات الأقليات والقطاعات في توفالو، وشددت على أن قانون المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لعام 2017 قد أنشأ المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان من خلال توسيع مهام أمين المظالم.
كما ثمنت إندونيسيا التعديلات الدستورية الجديدة، وأثنت على الحكومة مراجعتها الدستور من خلال عملية شاملة وطموحة للجميع استغرقت نحو 7 سنوات، فيما رحبت بتركيز الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، على وضع المعارف والثروة التقليدية في صميم التنمية.
وأعرب العراق عن تقديره للجهود التي تبذلها توفالو بهدف تعزيز الحالة العامة لحقوق الإنسـان، كما رحبت أيرلندا بالتشريع الذي يحظر التمييز على أساس الجنس والإعاقة، وإلغاء التشريعات المتعلقة بالعقوبة البدنية للأحداث الجانحين، غير أنها أعربت عن قلقها للتعاطي مع الأحداث الجانحين في نظام العدالة الجنائية العام، ولكون الحد الأدنى لسن المسؤولية الجنائية هو 10 سنوات.
ورحبت إيطاليا بالتصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال، وكذا بالتدابير المتخذة لوضـع سـياسـة وطنية للإعاقة، إلى جانب إلغاء الأحكام الواردة في التشريعات الوطنية والتي تجيز العقوبة البدنية للأحداث الجانحين.
ورحبت كيريباس بإطلاق خطة العمل الوطنية لحقوق الإنسان، التي أكدت وحددت التزامات توفالو بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، وأثنت أيضاً على الحكومة لما تبذله من جهود لضمان تعزيز وحماية حقوق الإنسان لأضعف الفئات، مثل النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن.
ورحبت عشرات الدول بإنشاء مكتب أمين المظالم بوصفه المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في توفالو، وبالإجراءات المتخذة لتعزيز التسامح الديني وتوفير الخدمات الصحية المحلية في جميع الجزر المرجانية والجزر النائية، كما دعت البلاد إلى زيادة مشاركتها في مختلف المبادرات المرتبطة بتغير المناخ على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ورحبت جزر المالديف بما بذلته البلاد من جهود لتحسين النظام الوطني للرعاية الصحية، كما اتضح من انخفاض معدلات وفيات الرضع والأطفال دون سن الخامسة والتغطية الواسعة لخدمات الرعاية الصحية قبل الولادة وبعدها.
فيما أشادت جزر مارشال بقيادة توفالو الإقليمية والعالمية بشأن تغير المناخ وجهودها الرامية إلى تنفيذ السياسة الوطنية لتغير المناخ للفترة 2020-2030، وشددت على أن البلاد تتقاسم، بوصفها دولة جزرية صغيرة نامية في المحيط الهادي، تحديات مماثلة لتحديات جزر مارشال فيما يتعلق بتغير المناخ، لا سيما ارتفاع مستوى سطح البحر من دون هوادة بسبب ارتفاع انبعاثات الكربون.
كما ثمنت موريشيوس تعهد البلاد بنظام مجاني للصحة العامة، وانخفاض معدل الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا، وتراجع معدل وفيات الرضع، والرعاية الصحية للأمهات بعد الولادة، إلى جانب مواجهة التحديات المتصلة بتغير المناخ، ومواصلة دعم حقوق الإنسان وبذل الجهود لجعل التعليم في متناول الجميع بصورة أكبر.
من جانبها، نوهت المكسيك بالمراجعة الدستورية في مارس 2023، والتي أدت إلى حظر التمييز على أساس الجنس والإعاقة، وكذا بالتقدم المحرز في مجال المساواة بين الجنسين، ما يسمح بزيادة تمثيل المرأة في المناصب العليا في الحكومة والبرلمان والمجالس المحلية.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).
يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.